ملفاتمميز

اليوم الدولي للمهاجرين والهجرة غير الشرعية.. مأساة إنسانية وتداعيات سلبية !!

شارع الصحافة/ إعداد: علي الحاروني:

ونحن نحتفل باليوم العالمي للمهاجرين في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام نحيي ذكري مأساة المهاجرين غير الشرعيين والذين دخلوا البلاد الأوروبية وغيرها بطريقة غير قانونية وبأوراق غير موثقة ومزورة ما يترك تداعيات سلبية علي الدول والمجتمع الدولي علي كافة الأجندة وبلا شك بأن تحديات الهجرة الدولية وصعوباتها متعددة ومتنوعة وتتطلب تعاوناً وعملاً تكاملياً بين الدول والتفاعل فيما بينها وتبادل الخبرات لحماية حقوق المهاجرين ورعايتهم وتزكية ايجابيات الهجرة والتصدي لسلبياتها علي الأصعدة كافة.

وحتي يمكن تحليل ظاهرة الهجرة الدولية لابد من رصد واقعها وفقا لتقرير الهجرة العالمي لعام 2021 م والصادر عن المنظمة العالمية للهجرة وبيان أسبابها وتداعياتها الإيجابية والسلبية وكيفية التعامل معها مستقبلاً وذلك كله عبر أربعة مباحث رئيسة.

أولاً- الواقع المؤلم للهجرة عبر العالم:

– وفقاً لتقرير الهجرة العالمي لعام 2021 م فقد بلغ عدد المهاجرين 272 مليوناً في عام 2021 م مقابل 173 مليوناً في عام 2000 م و 258 مليوناً عام 2017 ومقارنة   بـ 244 مليوناً في عام 2015 م ولقد شكلت المهاجرات 48 % من إجمالي عدد المهاجرين، مقابل 52 % من الذكور ومنهم أو 36.1مليون طفل مهاجر كما بلغ عدد الطلاب المهاجرين نحو 5 , 6 مليون طالب دولي عام 2021 مقابل 4.4 مليون طالب في عام 2017 م.

 

 

أما عن الفئة العمرية للمهاجرين الدوليين فلقد تركزت نسبة 74 % منهم في سن العمل ( 20-64 ) عاماً ويقدر عددهم بنحو 3 ,  150 مليون عامل ويقيم 31 % منهم في قارة أسيا و 30 % في أوروبا و 26 % في الأمريكتين و 10 % في أفريقيا و 3 % في البلدان الأخرى وذلك طبقاً لأحدث الإحصاءات الصادرة عن بوابة بيانات الهجرة العالمية ولقد تصدرت أمريكا لائحة البلدان المقصودة بنحو 15 مليون مهاجر تليها ألمانيا والسعودية بـ 13 مليوناً لكل منهما وتعتبر الهند أكبر بلد منشأ للمهاجرين العالمين حيث يعيش نحو 5 و 17 مليون هندي في الخارج وتليها المكسيك بـ 11.8 مليون شخص والصين بـ 10.7 مليون شخص.

وتصدرت سوريا قائمة الهجرة الداخلية بمعدل بلغ 6.1 مليون وتليها كولومبيا بعدد  8 ,5 مليون شخص ثم الكونغفو بـ 3.1 مليون وبوجود أكثر من 6 ملايين مهاجر تعتبر سوريا المصدر الأول للاجئين تتبعها أفغانستان بنحو 2.5 مليون شخص من عدد إجمالي قدره 260 مليوناً.

ويحوي العالم نحو 68 مليون مشرد قسري بينهم أكثر من 25 مليون لاجئ و 3 ملايين طالب لجوء وأكثر من 40 مليون مشرد داخلياً.

ثانياً- أسباب ودوافع الهجرة غير الشرعية:

وإذا أردنا تأصيل ظاهرة الهجرة وبخاصة ما تسمي بالهجرة السرية أو غير الشرعية يمكن من خلالها أن نلتمس أسبابها والتي ترتبط بكل تأكيد بالواقع العالمي سياسياً واقتصادياً وعلي مستوي الشباب..

ولعل من أهم الأسباب هي يأس الشباب وخاصة في ظل الحراك السياسي والتحديات الاقتصادية التي يواجهها العالم خاصة مع الثورات والحروب الأهلية والأزمات الاقتصادية والاختلالات الاجتماعية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة ولاسيما مع جائحة كورونا والتي جعلت الشباب يغامر بحياته ويهاجر إلي أوروبا عبر قوارب الموت بحثاً عن الجنة الموعودة في أوروبا وأمريكا وأسبانيا وإيطاليا وفرنسا.

وهناك عديد الأسباب السياسية والدينية للهجرة غير الشرعية مثل انعدام الاستقرار السياسي والحروب الأهلية والاضطهاد الديني علاوة علي أسباب اجتماعية مثل انعدام الروابط الاجتماعية والأسرية والزيادة السكانية هذا ناهيك عن ارتفاع أجور العمال في البلد المراد الهجرة إليها والمستوي المعيشي بها ووجود خدمات اجتماعية وصحيحة فيها وإتاحة مجال أكبر من الحرية للأفراد في الدول المراد الهجرة إليها هذا إلي جانب الكوارث الطبيعية.

  كما أن هناك دراسات وتقارير دولية عدة أكدت علي أن من أخطر أسباب الهجرة هي زيادة شبكات المتاجرة بالمهاجرين السريين مع ارتفاع تكاليفها بإتجاه أوروبا والتي تركز في نشاطها علي مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لتجارتها غير المشروعة مستغلة في ذلك ظروف الشباب من البطالة والفقر للترويج للرفاهية في أوروبا والهجرة بطريقة سرية وغير شرعية عبر قوارب مطاطية أو تقليدية والتي تعرف بـ (قوارب الموت)، والتي لم توقفهم حتي مع جائحة كورونا ولم تردعهم.

ومن الأسباب التي تدفع للهجرة غير الشرعية دخول الأفراد إلي دولة جديدة دون قدرتهم علي الحصول علي تأشيرة الدخول بسبب ما أو دخولهم إلي الدول التي ليس لها اتفاقيات الاعفاء التلقائي من تأشيرة الدخول ما يضطرهم إلي الدخول لتلك الدول عن طريق عبور الحدود بطريق غير قانوني وذلك لتحسين وضعهم الاقتصادي والتخلص من الفقر والبطالة.

ثالثاً- تداعيات وآثار الهجرة غير الشرعية (السلبية والإيجابية): 

ينتج عن الهجرة غير الشرعية تداعيات سلبية حيث قد يرتكب  بعض المهاجرين غير الشرعيين بعض الجرائم الجنائية مثل تعاطي المخدرات أو اللجوء إلي التزوير مع التسبب في إلحاق الضرر بالممتلكات الشخصية للأشخاص أو الأماكن العامة هذا ناهيك عن تعرض المهاجرين للموت أو سوء المعاملة والاعتداء الجنسي والاستغلال.

 إن الهجرة غير الشرعية قد تجبر المهاجرين علي العمل بالحد الأدني للأجور ودون المطالبة بأي مزايا متعلقة بالعمل كالحصول علي التأمين مما قد يحدث تنافساً علي فرص العمل المتاحة مع عم استطاعة المهاجرين غير الشرعيين في تقديم شكاوي أو مقاضاة صاحب العمل في حال تعرضهم لأية مشاكل مرتبطة بالعمل هذا مع تهرب أصحاب العمل من دفع الضرائب المطلوبة منهم عند توظيفهم مهاجريين غير شرعيين.

 كما أن الهجرة قد تؤدي إلي انتقال الأمراض المعدية وهجرة الأدمغة وذوي المهارات التقنية وأخيراً قد تجرم العديد من الدول الدخول غير القانوني لأراضيها وتعاقب عليه جنائياً أو مدنياً وإدارياً كدفع الغرامات والسجن والترحيل عن الدولة كما أن الهجرة غير الشرعية قد تؤدي إلي تهديد الهوية الوطنية وزيادة التنوع الثقافي وعدم الشعور بالإنتماء والتخلي عن القيم والعادات والإحساس بالغربة مع هجرة العقول العلمية وخفض مستوي الأيدي العاملة.

 وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلي أن هناك العديد من الآثار الإيجابية للهجرة ومنها زيادة النقد الأجنبي لوطنهم الأم وخفض مستوي الفقر وتقليل البطالة وتكوين نهضة فكرية وذلك بسبب التنوع الثقافي والفكري والحضاري.

رابعاً- نحو سياسية عالمية لمواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية:

تعد الهجرة غير الشرعية إحدي القضايا الاجتماعية ذات بعد دولي والتي تتطلب تكاتف دولي لمواجهتها وذلك من خلال المعاهدات والاتفاقيات الدولية والإقليمية وبناء حواجز أمنية علي الحدود البرية والبحرية ومراقبتها بشكل أكثر صرامة لمنع دخول المهاجرين بشكل غير قانوني.

ويتعين توقيف وحجز الأشخاص المهاجرين غير الشرعيين والذين لا يحملون وثائق رسمية، وإعادتهم إلي بلدهم الأصلي، مع ضرورة التعامل الدولي الأوروبي الموحد للتعامل مع أزمة الهجرة ما يسمح بفحص طلبات اللجوء علي الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي والسماح بدخول من يستحق وضع لاجئ أو يستحق إقامة في أوروبا وفقا لقواعد محددة والتعاون البناء مع دول المنشأ لتفادي أزمة هجرة دولية جديدة.

 

كما أنه من الحلول الواقعية للقضاء علي الهجرة غير الشرعية تشجيع الشباب علي المشاركة في الحياة السياسية وتوفير فرص عمل للشباب العاملين والخريجين وتحفيز الشباب علي التعلق بوطنهم الأم والقضاء علي الفساد والمحسوبية وفتح أماكن للاستثمارات لكافة مؤهلات الشباب مثل الجمعيات والمؤسسات والنوادي الثقافية.

ويجب الاهتمام بمؤهلات الشباب عن طريق توفير الامتيازات الهامة مثل التأمين الصحي والمسكن وتحقيق مبدأ العدل والمساواة فيما بينهم كما أنه لابد من تبني عديدًا من برامج العمل لضمان تأهيل الشباب ثقافياً وأمنياً وصحياً وفنياً للهجرة الآمنة وذلك بالتعاون بين الوزارات ومؤسسات الدولة ومنها المجتمع المدني والقطاع الخاص خاصة في الدول والمحافظات والقري الأكثر تصديراً للهجرة غير الشرعية.

  وبغض النظر عن الوضع القانوني للمهاجرين غير الشرعيين يجب علي الدول حماية سلامتهم وكرامتهم ومصلحتهم وتقنين أوضاعهم وفقاً للحدود المتعارف عليها والمسموح بها دولياً وهنا يجب النظر إلي الهجرة علي أنها فائدة للجميع حيث أنها يمكن أن تساهم في التنمية الشاملة في بلد المنشأ ودول المقصد مع الأخذ في الاعتبار ما جاء في الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية وتعظيم فوائد الهجرة مع معالجة مخاطرها وتحدياتها بما يحقق التوازن للدول والمجتمعات والمهاجرين ويساعد علي تحقيق السلام والامن والإستقرار الدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى