ملفات

 الكتابة العلمية.. شروطها وقواعدها وأهم الأخطاء المرتبطة بها !! (د. شيماء قنديل- مصر)

هل تختلف الكتابة العادية عن الكتابة العلمية ؟ وهل المقصود بالكتابة العلمية الكتابة عن العلم؟!  أسئلة كثيرة تطرح نفسها عند قراءة عنوان (الكتابة العلمية).. في هذه السطور سوف نوضح ما المقصود بالكتابة العلمية.

 

ليس المقصود بالكتابة العلمية مجرد كتابة عن العلوم، إنما هي الكتابة الفنية التي يقوم بها العلماء، والباحثين لإيصال أفكارهم للآخرين، وفيها يقوم الباحث بالالتزام بنقل الحقائق، والمعلومات، والتواريخ، والأرقام نقلاً دقيقاً، وموثقاً؛ فالدقة في نقل المعلومات تساعد في منع سوء الفهم.

الكتابة العلمية ليست سرداً للمعلومات، وإن كانت صحيحة، فالسرد يجعل الكتابة مملة جداً للقارئ، فهي لا تثير فضوله، ولن تدفعه للتفكير، ولا تعطي له معلومة واضحة ودقيقة. عندما يقوم كاتب أو باحث علمي فى كتابة بحث أو مقال للجمهور أو لأهل التخصص يجب أن يضع في اعتباره هدفيين أساسيين هما: أن يُقدم مادة علمية صحيحة مكتملة واضحة بسيطة، وأن تكون الكتابة جاذبة للقارئ.

الكتابة العلمية هي عملية بث الإشارات الواضحة للمُستقبل أو المتلقي.. ويتعين على كلمات الإشارة أن تكون واضحة بسيطة ومعبرة قدر الإمكان. ولا يوجد في الكتابة العلمية مساحة واسعة لاستخدام الزخارف البلاغية. فقد تتسبب الأساليب الأدبية المزخرفة والمتأنقة في إحداث نوع من الإرباك غير المرغوب في الكتابة الأكاديمية الرسمية.

شروط الكتابة العلمية الصحيحة:

  1. الوضوح:

الطريقة العلمية لتقديم المعلومة تعتمد علي ذكر المعلومة ، وشرح للسبب الذي أدي إلي أن تكون المعلومة بهذا الشكل ، – وإن لم يُعرف السبب نرح لماذا، وما ينقصنا لنعرف- ، وكيف نربط هذه المعلومات بمعلومات سابقة في نفس المجال أو مجالات أخري.

  1. الدقة:

من أهم الصفات التي يجب أن تُراعي في الكتابة العلمية الدقة في التعبير والابتعاد استخدام المصطلحات العامية غير العلمية ، أو أي لفظ غامض أو غير واضح، بل يجب أن تكون لغته بسيطة جدّاً وواضحة لجميع فئات القرّاء ؛ بحيث تؤدي المعني مبارة مع تفسير المصطلحات غير الواضحة.

  1. الاختصار، والإيجاز:

والمقصود بها الإيجاز والاختصار غير المخل بالمعني في الكتابة العلمية ؛ أي يتم عرض أي فكرة أو نقطة من النقاط الرئيسية فى البحث لمرة واحدة بدون أي تكرار سواء في الكلمات، أو في الصياغة عند التعبير عن الفكرة.

  1. الموضوعية والمنطقية:

وهو الابتعاد التام عن الرأي الشخصي المنحاز له الباحث أو الكاتب ، لابد أن يتم عرض الأفكار بحيادية ، وأمانة علمية شديدة دون انحياز لرأي الباحث الشخصي ، وأيضاً الكتابة بأسلوب منطقي خال من المشاعر الخصية ، حتي لا يؤثر في عاطفة القارئ.

  1. اللغة العلمية الصحيحة:

المقصود بها يكون أسلوب الكتابة غير شخصي أو روائي، ولا تُستخدم المحسنات اللفظية كـ : (التبيهات- التضاد- والكناية والاستعارة- السجع)، عدم استخدام الأوصاف غير الحسية، والانطباعات، والأهواء.

  1. استخدام الرسوم البيانية، والتخطيطية:

أحياناً لتوضيح الفكرة العلمية، أو عند عرض نتائج تجربة بحثية يلجأ الباحث أو الكاتب إلي استخدام الجداوال، والرسوم البيانية، والمخططات، والصور الفوتوغرافية؛ شريطةً أن تكون هذه الوسائل مبسطة، وخالية من الألوان، والتصميمات غير المناسبة للمحتوي العلمي، ولا تحتوي إلا علي المعلومات الرئيسية فقط .

  1. عدم استخدام الاقتباسات:

والمقصود هنا عدم الاستشهاد المباشر بالمعلومات ، وإنما كتابة الحقائق والمعلومات المثبته علمياً فقط ، والإشارة إلي مصدرها ، ( إذا تم استخدام عبارة غير مثبته علمياً فلابد من وصفها بالفرضية).

  1. الابتعاد التام عن الأحكام المسبقة ، والمعتقدات السائدة، والشائعات.

قواعد الكتابة العلمية:

 عند كتابة مقال أو بحث علمي هناك بعض القواعد ، أو تسلسل تقليدي يُتبع ، لا يُمكن تجاهله أثناء الكتابة العلمية ، وهذه القواعد هي:

      التركيب: حيث يُراعى أن تكون المعلومات مركبّة بطريقة متسلسلة ، ومرتّبة باستخدام العناوين والفقرات، وأن تحتوي كل فقرة على المعلومات المختصّة ، والمرتبطة بها.

      الهدف:  حيث يكون المقال العلمي له هدف واضح ، ومعين مراد تحقيقه من قبل الكاتب أو الباحث.

      التلخيص:  بحيث يحتوي المقال أو البحث العلمي في نهايته ملخّص، وهذا الملخص يتناول فيه الكاتب أهمّ المعلومات والنتائج التي توصّل إليها.

      الأسلوب:  يجب أن يكون الأسلوب بسيط ، ويحتوي على شرح واضح جدّاً.

      النتائج: حيث يجب أن يحتوي كل مقال علمي على نتائج نهائيّة توصل لها الكاتب، ويتم أيضاً مقارنتها بالنتائج الأخرى.

      المراجع: يجب أن يحتوي كل مقال على قائمة المراجع ، والمصادر التي قام الباحث بالاستعانة بها للبحث؛ وهذا من أجل تدعيم البحث ، وأيضاً تقديم الإفادة للباحثين عن نفس الموضوع.

أخطاء الكتابة العلمية:

قد يقع كثير من الباحثين في بعض الأخطاء أثناء الكتابة العلمية، ومن أبرز هذه الأخطاء ما يلي:

1)     الأكتفاء بالنقل:

يقوم أغلب الباحثين عند كتابة الإطار النظري في البحث بالنقل المباشر من الدراسات والبحوث السابقة ، والمراجع دون تعقيب علي ما نقله ، ولا إظهار شخصية الباحث متمثله في ذكر رأيه الشخصي ، واستنتاجاته ، وتفسيراته لما كتبه ، فيجب علي الباحث أن يقوم بذلك بعد عرضه لكل نقطه من نقاط الإطار النظري.

2)     السرقة الأدبية:

وهذه النقطة قد تتم بقصد أو بدون قصد من الباحثين ؛ حيث يقوم الباحث بكتابة بعض الجمل أو الفقرات أو الاستشهادات من بحث أو مرجع سابق دون الإشارة لصاحب هذه الفقرة ، ونسبها إلي نفسه ، وهو ما يعد سرقه لمجهود الغير.

3)     الإكثار من التفاصيل:

قد يقع بعد الباحثين في هذا الخطأ ؛ حيث يقوم بكتابة كل التفاصيل عن الموضوع الذي يتناوله، وبإسهاب شديد حتى لو لم يفيد في بحثه، فهذا يعد حشو غير مطلوب ، ويدل علي عدم مهارة الباحث العلمية، وعدم فهمه لنقاط بحثه ، فيجب علي الباحث العلمي الجيد أن يقوم بكتابة الأفكار التي تخدم موضوع البحث فقط بوضوح وإختصار غير مخل بالمعني والسياق العلمي، حتي تصل فكرته بوضوح.

4)     الإهمال من الجانب العملي:

الجانب العملي هو أحد أهم أركان البحوث العلمية، والتي تظهر فيه مهارة الباحث العلمية، وتميزه في عرض نتائج تجربته البحثية، وتفسيرها من خلال الجداول والرسوم البيانية، والتعليق البسيط علي هذه النتائج، وذكر الدراسات والبحوث السابقة التي تؤيد أو تعارض نتائجه. فهذه الخطوة هي ما تميز البحث العلمي عن غيره.

5)     عدم الاستخدام الأمثل للمراجع:

يميل بعض الباحثين إلي الاستعانة بالمراجع العربية عن المراجع الأجنبية لسهولة القراءة ، وأخذ ما يناسبه منها لبحثه ، ولكن هذا خطأ يقع فيه الباحثين فيجب عليهم الاستعانة بالمراجع الأجنبية والعربية وتحقيق التوازن بينهم، وأخذ ما يتناسب مع بيئة المجتمع البحثي، وما يناسب ويخدم البحث سواء في الإطار النظري أو في تفسير نتائج البحث. ومن الأخطاء الأخري هي الاعتماد علي المراجع القديمة جداً ، فيجب علي الباحث الاطلاع علي أحدث المراجع في مجال تخصص بحثه. وأيضاً الاعتماد علي البحوث، والمقالات الضعيفة علمياً ، فيجب علي الباحث الانتقاء من بين البحوث ذات التوثيق السليم.

6)     عدم الاهتمام بكتابة قائمة مراجع البحث:

قد يهمل بعض الباحثين كتابة مراجع البحث ، وطريقة عرضها باعتبارها جزء غير مهم في البحث أو المقال العلمي، بينما تعتبر هذه النقطة مهمه جداً لأن تعطي مصداقية للبحث والباحث، كما أنه من خلالها قد يستفيد باحث آخر في الاطلاع علي المرجع الأصلي؛ فعند كتابة مراجع البحث يجب اتباع طريقة موثقة من طرق التوثيق الحديثة، مع مراعاة آخر إصدار ، وتحديث للتوثيق وفق الطريقة المتبعة ، علي سبيل المثال APA.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى