الجنس الناعم

«نساء الهول» بين الحاضر الأليم والمستقبل المجهول !!

إعداد- نورهان علي عبدالحليم: 

نشأ مخيم الهول في بداية عام 1991 على خلفية حرب الخليج، حيث سعت مفوضية الأمم المتحدة إلى إنشائه، ليضم اللاجئين من العراق والمتضررين من حرب الخليج، واسَتقبل المخيم آنذاك حوالي 15 ألف لاجئ من العراق وفلسطين، بعد حصولهم على كافة المساعدات قبل أن يغادروه ويتجهوا لبلاد أخرى.

  اُقيم هذا المخيم على مشارف بلدة الهول التى تقع في شرق محافظة الحسكة السورية، بالتنسيق مع النظام السورى لمساعدة المتضررين من الحرب وقتها.

  افتُتح المخيم عدة مرات لاستقبال المتضررين على مدار سنون مختلفة منها عام 2002 وتم اغلاقه عام 2010، وفى عام 2011 سيطر عليه مسلحو تنظيم داعش، ثم اُعيد افتتاحه مرة أخرى عام 2015 بعد ان أعادت قوات سوريا الديمقراطية سيطرتها مجدداً على بلدة الهول ما دفع الأمم المتحدة لتجهيز المخيم لكل من النازحين السوريين واللاجئين العراقيين الفارين من معارك الموصل.

  يتكون المخيم من ستة أقسام ينقسمون كالتالي: النازحون السوريون غير المنتمين لتنظيم الدولة الإسلامية، واللاجئين العراقيين العائلات السورية المنتمية لتنظيم الدولة والعائلات التابعة للتنظيم غير السوريين في قسمين، قسم للأوروبيين وقسم للجنسيات الأخرى.

  التوزيع العرقي:

يحتوى مخيم الهول على 66101 فرد، وتتنوع فيه الجنسيات المتعددة، حيث تقدر نسبة العراقيين بحوالى 46% بما يعادل 30724 فردا،ويشكل السوريون حوالى 39% بما يعادل 25780فردا، ويضم جنسيات أخرى تمثل 15% بما يعادل 9597 فردا.

  والجدير بالذكر أن عدد سكان المخيم قد تقلص عما كان عليه فى عام 2019 حيث كان يٌقدر بحوالى 74000فرد، وهذا يرجع إلى الجهود التى تبذلها قوات سوريا الديمقراطية لاعادة اللاجئين الى أوطانهم، وأيضا إلى زيادة عمليات الهروب من المخيم. ووفقاً لتقارير تابعة للامم المتحدة فان المخيم تنتشر فيه عديد من الحوادث مثل القتل والطعن والاغتيالات والذى يشرف على تنفيذ تلك العمليات ما يعرف بـ(الحسبة)، وهن عبارة عن سيدات تقمن بتلك العمليات المتطرفة داخل المخيم، ويشرفن على عديد من المهام، ولهن كامل السلطة والتصرف والحرية في التعامل مع القضايا المتعلقة بالنساء، كما يعملن على تجنيد نساء أخريات.

الأوضاع الإنسانية للمخيم:

يُعاني المخيم من فقر في كافة مقومات الحياة، حيث أنُشأ ليستوعب حوالى 10الاف شخصاً، ولكنه الآن يحتوى على 7 أضعاف هذا العدد؛ مما ترتب عليه ضعف عام فى كل شئ ،فمن الناحية الطبية يحتوي كل قسم من المخيم على نقطة طبية واحدة فقط؛ مما يؤدى إلى ارتفاع فى عدد الوفيات بالمخيم وخاصة من الأطفال وتشير بعض الأبحاث أن اغلب الاطفال يتوفون في الخيام، قبل وصولهم  إلى النقطة الطبية نتيجة لطول قائمة الانتظار.

 كما ينتشر بالمخيم العديد من الامراض والاوبئة ونظراً لقلة المستلزمات والكفاءات الطبية يرتفع عدد الوفيات مثل: وفيات مرض اللشمانيا، الملاريا، الحصبة، الفشل الكلوى، والجفاف عند الاطفال.

  وفيما يتعلق بالمأكل والمشرب فهناك تدهور كبير،حيث ينتشر بين الأطفال الجفاف نظرا لقلة الطعام بالمخيم ما يؤدى للوفاة في بعض الاحيان. ثانيا: المرأة في مخيم الهول على الرغم من الاختلاف الملحوظ بين المجندين والمجندات الذين انتموا لتنظيم داعش سواء كان فى البلدان القادمون منها أو لغتهم أو هويتهم، ألا ان داعش نجح فى توحيد الايدولوجيات الخاصة بهم جميعاً، وذلك من خلال القدرة على الوصول للاسباب المحفزة لهؤلاء الضحايا وإثارتها، ووضعهم في بيئة خصبة تعزز الفكر الداعشي لديهم.

 وقد حرص التنظيم على استقطاب النساء بصورة اكبر إيمانا بقدراتهن على نشر الفكر الداعشي المتطرف جيلٍ بعد جيلٍ، حيث يُعتبر الانجاب هو الهدف الاساسي لتجنيد النساء الداعشيات، ولذلك تسعى داعش لاتباع استراتيجيات مبتكرة فى استقطاب اتباعهم، فقد واكبوا تطور العصر وقاموا بتطوير طريقة عملهم فحرصوا على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا من أجل أهدافهم الخاصة في تجنيد النساء بصورة خاصة ومحددة.

لقد أقام تنظيم داعش ما يُسمى بـ(المناصرات)، وهي مليشيات إلكترونية تتعامل مع النساء بطرق مختلفة، فالمرأة المحبة للقيادة تستقطبها خلايا لتنظيم عن طريق الثناء على ارائها ومحاولة زرع فكرة سيطرتها على الأخريات داخل داعش، والمرأة ذات الشخصية المسالمة يحاولون السيطرة على عاطفتها ويكتسبون ثقتها لتنضم لهم أسباب التجنيد يسعى تنظيم داعش إلى تطبيق ايدولوجيته المتطرفة على أوسع نطاق؛ وذلك من خلال استقطاب الفئات العمرية المختلفة، حيث أثبتت الدراسات أن متوسط العمر الآن يتراوح بين 17 – 25 عاما.

  وتُعد تلك الفئة العمرية أصغر مقارنة بالسنون الماضية، ولعل أهم دوافعه تكمن في تضخيم صورة التنظيم فى نظر اتباعه، وقد اهتم التنظيم باستقطاب النساء تحديدا لعدة أسباب منها: الأهمية الشديدة للمرأة من حيث دورها فى الإنجاب وزيادة عدد اطفال داعش؛ ولهذا السبب سعى التنظيم الى زيادة عدد النساء بالتنظيم واستقطابهن بصورة اكبر تحديدا دونما الرجال.

  وقد كشفت تقارير  أن الفتيات فى سن الـ 13 -16 عاما يرغمن على الزواج من اجل الانجاب، وبالتالى زيادة عدد الاطفال الموالين لتنظيم داعش حيث قدر عدد الاطفال الى الان بحوالى 28 ألف طفل، لا يتلقون الا تعليم داعش ولذلك يتحول الطفل الى قنبلة موقوتة تنفجر لتتحول على مدار السنوات إلى إرهابي متطرف.

استخدام الفتيات فيما يُسمى بجهاد النكاح أو جهاد المناكحة، حيث تعمل نساء الحسبة على نشر الافكار التى تتعلق بجهاد النكاح وربطه بالدين لجعله مقنعاً للفتيات، او تلجأ لتهديدهن لاجبارهن على الزواج من قيادات التنظيم .

 سبي النساء وتقديمهن كهدايا لقادة تنظيم داعش، حيث يتم تحديد اسعار وقيمة الفتيات طبقا للفئة العمرية لها، وجنسيتها، وعذريتها، وبالتالى يتم التعامل معها وفقا لهذا المبدأ، ولعل اكثر الفتيات التى يتم اختطافهن وجعلهن سبايا هن (الايزيديات).

 

إن النساء نصف المجتمع، يلدن ويربين النصف الاخر، ولهذا يحملن على عاتقهن رسالة عظيمة مفادها خلق الاجيال القادمة.. ولأن القائمين على الارهاب يدركون هذا جيدا، قرروا استغلاله بما يتماشى مع مصالحهم ومنافعهم ويرضى رغباتهم، ولان مايحدث فى هذا المخيم يعتبر ضد حقوق الإنسان وانتهاكا صارخا وصريحا للقانون الدولى الانسانى خاصة فيما يتعلق بالنساء والاطفال، فلابد ان يتكاتف المجتمع الدولى والمنظمات الدولية لحماية تلك النساء من الانتهاكات التي تتعرض لها بالمخيم، وذلك عن طريق اقامة مبادرات من قبل المنظمات الدولية المنوط بها الدخول إلى المخيم.

   وتهدف تلك المبادرات إلى إحصاء جنسيات النساء بالمخيم ومن ثم التواصل مع بلدانهن للعمل على عودتهن، مع ضرورة اشاراكهن في برامج تأهيلية، ووضعهن تحت الملاحظة حتى تنتهي فترة التأهيل، وأيضا ضرورة إلحاق الأطفال ببرامج توعية واعادة تأهيل ودمجهم فى المجتمع والحاقهم بالصفوف الدراسية المناسبة لهم، حتى تتم إعادة تشكيل لوعيهم الداعشي، وإنقاذهم من مستقبل مجهول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى