مقالاتمميز

محمد ناجي المنشاوي يكتب: التعليم الإسرائيلي.. أكاذيب وتشويه وتزوير في مقررات دراسية!!

بعد إبرام معاهدة السلام بين مصر والكيان الصهيوني في 26 من مارس 1979 بواشنطن (الرئيس محمد أنور السادات عن الجانب، المصري، ومناحم بيجين عن الجانب الإسرائيلي) برعاية أمريكية بحضور الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، شرع الجانبان في تنفيذ بنود تلك المعاهدة والتي جاء في أحد ملاحقها في المادة الخامسة (التعاون في سبيل التنمية وعلاقات حسن الجوار..).

حيث يقر الطرفان أن هناك مصلحة متبادلة في قيام علاقات حسن الجوار ويتفقان على النظر في سبل تنمية تلك العلاقات يتعاون الطرفان في إنماء السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة ويوافق كل منهما على النظر في المقترحات التي قد يرى الطرف الآخر التقدم بها تحقيقا لهذا الغرض، يعمل الطرفان على تشجيع التفاهم المتبادل والتسامح ويمتنع كل طرف عن الدعاية المعادية تجاه الآخر).

 وفي مصر قوبلت هذه المعاهدة من قبل المثقفين المصريين بالرفض التام وكذلك قطاع عريض من أبناء الشعب المصري ولكن على المستوى الرسمي كان الأمر مختلفا تماما فامتدت جسور التعاون في مجالات مختلفة كالزراعة والصناعة والتجارة ولكن بقى قطاع الثقافة صامداً مستعصيا على التطبيع.

  وكانت غضبة المثقفين بسبب اشتراك إسرائيل في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الثالثة عشرة في يناير 1981 هو أكبر دليل على هذا الموقف إذ خرج السفير الإسرائيلي إلياهو بن اليسار مذعورا من المعرض واعتقلت السلطات المصرية الكاتبين المصريين صلاح عيسى وحلمي شعراوي.

   كان الشاعر صلاح عبد الصبور رئيسا لهيئة الكتاب في ذلك الوقت، ولكن رغم ذلك فلم تغير الحكومة المصرية من إجراءات التطبيع الذي استشرى في كل مؤسسات الدولة المصرية.

   وعلى مستوى التعليم قام المسؤولون عنه في مصر بحذف كل مايتصل بالكيان الصهيوني من موضوعات القراءة وآيات القرآن الكريم التي تتحدث عن اليهود وفضح أساليبهم وكذلك النصوص الشعرية والنثرية وتعديل بعض موضوعات التاريخ.

   ومضت الدولة المصرية في نشر ما أسمته بثقافة السلام في الإعلام والتعليم وتلح في ذلك بشدة على الوجدان الجمعي المصري؛ كيما ينبت جيل قادم متشبعا بهذه الثقافة التي تنزع كل عداوات الثأر مع الكيان الصهيوني وتقديمه في صورة الصديق المحب للسلام، ومن ناحية أخرى إقناع الجيل المعاصر لتلك المعاهدة بضرورة تغيير أفكارهم ومعتقداتهم نحو هذا الكيان.

 ولاشك أن فئة محدودة من المثقفين قد انحازت إلى هذه الثقافة التطبيعية، وكان في مقدمتهم الكاتب الراحل على سالم حين زار إسرائيل،  وعاد ليمتدح هذا الكيان مصورا إياه باعتباره واحة الخير والجمال والأمان وهو ما قوبل باستنكار عارم من قبل جمهور المثقفين المصريين.

 وعلى الجانب الآخر وبينما مصر تفي بوعودها وتدعم تحسين الوجه الإسرائيلي في عيون وقلوب أبنائها، كانت إسرائيل تضرب بما جاء في المادة الخامسة من ملاحق المعاهدة والسابق ذكرها في بداية المقال عرض الحائط وتتجاهل تجاهلا تاما.

 وعلى المستوى الرسمي الإسرائيلي، فقد انخرطت الحكومات الصهيونية المتتابعة في مجال التعليم في بحر من الأكاذيب والتشكيك والتشويه والمغالطات والتزوير في المقررات الدراسية بالمدارس الإسرائيلية.

 ويرصد كتاب (التعليم ومستقبل المجتمعات الإسلامية في التخطيط الإسرائيلي) عن الدار السعودية للنشر والتوزيع لمؤلفه (ماجد عرسان الكيلاني) في طبعتيه الأولى عام 1972 والثانية عام 198 يرصد مؤلفه في جهد كبير وبعين دقيقه ما خطط له الكيان الإسرائيلي لتشويه صورة العربي وتحريف قرآنه وتزييف تاريخه وزرع الحقد في نفوس النشء الإسرائيليين.

 ومن الملاحظ أن الكاتب لم يغير شيئا في طبعته الثانية، ولم يضف جديدا في تلك الطبعة الثانية والمسافة الزمنية بين الطبعتين قرابة أربعة عشر عاما كما أن الطبعة الأولى صدرت قبيل حرب 6 أكتوبر 1973 بعام بينما صدرت الثانية بعد توقيع معاهدة السلام بسبع سنوات تقريبا ما يدل على أن شيئا لم يطرأ على المقررات الدراسية الإسرائيلية رغم معاهدة السلام.

 ومعنى ذلك أن إسرائيل قد وضعت خطة ثابتة استراتيجية لبناء أجيال إسرائيلية تبقى على عداوتها للعرب والمسلمين وتحقير ثقافتهم في الوعي الإسرائيلي ومن عناصر هذه الاستراتيجية تدمير العقيدة الإسلامية في نفوس الناشئة وإعطاؤهم صورة مشوهة عن الإسلام وذلك من خلال التشكيك في صحة القرآن الكريم ولمز حياة الرسول صلى الله عليه وسلم والتشكيك في الحديث النبوي وتصوير الإسلام وكأنه العامل الرئيس في تخلف المسلمين وتأخرهم والعمل على اقتلاع الأجيال العربية من أصولها والعقائد الجغرافية.

 وكذلك تنمية التبعية العربية لليهود وتصوير اليهود بأنهم أولياء نعمة العرب والمسلمين في الماضي والحاضر حتى أنهم يمثلون بشخصيات يهودية في المجتمع العربي قبل وبعد الإسلام بأنها هي الشخصيات التي علمت العرب والمسلمين فنون الطب والهندسة والفلسفة والإدارة والسياسة وتدوين التاريخ والزراعة والفلك والاقتصاد والمال.

   وكذلك تعمل المقررات التعليمية الإسرائيلية وفق مؤلف الكتاب ماجد عرسان الكيلاني، على تجهيل الأجيال العربية بواقع الاعتداء الصهيوني على وطنها وأمتها ومقدساتها والتأكيد على سياسة التوسع الإسرائيلي ومحاولة تبريرها في الماضي والمستقبل.

 وكذلك تعمل هذه المقررات الإسرائيلية بدأب خبيث على تهويد الأجيال العربية وترسيبها إلى أعماق المجتمع الإسرائيلي وخدمة العنصر الإسرائيلي وإبعاد التفكير العربي عن الميادين القيادية وطبعه بطابع السطحية ومنعه من فرص الابتكار وإشاعة الفرقة بين العرب وتدمير مقومات التكتل أمام التسلط اليهودي.

 وعلى هذه الطريق يمضي الصهاينة في تربية وتعليم صغارهم وشبابهم..  فماذا نحن فاعلون تجاههم في تعليم أبنائنا؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى