ملفاتمميز

«ميتافيرس» الوجه الجديد لـ«فيسبوك».. الواقع والتحديات وآفاق المستقبل

 شارع الصحافة/ إعداد-علي الحاروني:

من رحم الانتقادات والاتهامات والتحديات انتفضت الحوافز والدوافع التى أجبرت شركة فيسبوك على تغيير اسمها إلى ميتافيرس وذلك مساء الثلاثاء الموافق 28 أكتوبر 2021م، خلال المؤتمر السنوي (Conect) ليكون هناك عهد جديد لإعادة تأهيل الشركة ولفصل منتجاتها عن كيان الشركة ولدرء الشبهات وللإيحاء بأن هناك مستقبل أفضل لشركة ميتا.

فما دلالة مفهوم ميتا ؟ وما هي علاقة ميتا بالميتافيرس وريث الإنترنت المحمول؟ وما هي الأسباب والدوافع بتغيير شركة فيسبوك هويتها رغم أنها أكبر عملاق على مستوى مواقع التواصل الاجتماعى في العالم؟ وما هي التحديات التى تواجه ميتا الآن ؟ للإجابة على هذه التساؤلات سيتم التطرق إلى مفهوم ميتا وجذوره وسر تسميته ودوافعه وتحدياته لنصل فى النهاية إلى رسم صورة مستقبلية لميتا على ضوء كل ذلك وهذا ما سوف نتناوله عبر ثلاثة مباحث رئيسة:

 

أولاً- ماهية ميتا وعلاقتها بالميتافيرس:

ان الاسم الجديد لشركة (فيسبوك) هو ميتا وهى كلمة مشتقة من اللغة اليونانية القديمة ومستوحاه من كلمة (Meta) والتي تعني (مابعد) وتوحى بعهد جديد للشركة تتلافى السلبيات والاتهامات الموجهة إليها في الحقبة الماضية وإعادة بناء الهوية المؤسسية لتركز خلال الفترة المقبلة على الميتا فيرس (Metaverse) والذي يعتبر وريث الانترنت المحمول والوسيلة التى يتفاعل بها الاشخاص مع أجهزة الكمبيوتر ومع بعضهم البعض.

الميتا فيرس هو عالم  إفتراضي يدخل اليه الافراد من خلال نظارات أو خوذ ويهدف الى تحويل الخيال العلمي إلى واقع معاش.. وبلاشك يتمتع الميتافيرس والذى يرجع الفضل الى ظهوره لأول مرة للكاتب (نيل ستنيفسون) فى رواية (Snow Crash) في عام 1992م بقدرته على نقل مستوى التواصل الاجتماعى الى مستوى جديد لقدرته على الدمج بين العالمين الحقيقى والافتراضى والذى له استخدامات متعددة منها الألعاب والتسلية ولأغراض العمل والدراسة والاجتماعات وعلى نحو يفتح الطريق لآلاف المشروعات والتقنيات الجديدة والمدفوعة بجهود عمالقة التكنولوجيا.

 

ومن هنا يستهدف الاسم الجديد الى اعادة صياغة الفيسبوك على بناء ميتافيرس بدلاً من شركة وسائط إجتماعية ليكون الفيسبوك إحدى تطبيقات الشركة الأم (ميتا) مثله مثل (الانستجرام والواتساب)، وهذا يشبه ما فعلته (جوجل) عندما غيرت هويتها لتصبح (ألفابت) في عام 2015م ولا سيما بعد امتلاكها خدمات آخرى شهيرة مثل اليوتيوب والخدمات السحابية وغيرها.

وإجمالاً يمكن القول بأن تغيير هوية الفيسبوك الى (ميتا) يبدو منطقياً حيث أصبحت الأخيرة تنقسم إلى قسمين:

الأول: يشير  إلى الأنشطة الحالية للشركة مثل الفيسبوك والانستجرام والواتساب.

والثاني: وهو القائم على الميتافيرس والذى يحاول المزج فيه بين الواقعين الافتراضى والواقعى لينتقل فيه المستخدم من مستخدم للإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى الى مشاركاً وفاعلاً فيه وجزءاً منه .

ثانياً- دوافع تغيير الفيسبوك لهويتها إلى ميتا:

إن تغيير شركة فيسبوك اسمها الى ميتا لتصبح فى النهاية مجرد واحدة من المنصات التابعة لشركة ميتا الأم بجوار الانستجرام والواتساب بعد مرور 17 عاماً غلى انطلاقها فى عام 2004م ليقف خلفه العديد من المبررات والمحفزات والدوافع ومن أهمها:

 

* تعرض شركة فيسبوك لانتقادات واتهامات متعددة بعدما ارتبط اسمها بفضائح عديدة وأصبح إسمها مرتبطاً بمرادفات لخطاب الكراهية والمعلومات المضللة والتداخل فى الانتخابات والإبادة الجماعية ومناهضة قضايا حقوق الإنسان والأقليات ما أدى إلى ملاحقتها قضائياً نتيجة لإشكالياتها الفنية والمتمثلة فى المحتوى وغياب الإشراف والرقابة عليه والتجارية والأمنية والتشريعية ومما حدا بمنظمى مكافحة الاحتكار في أمريكا الى المناداه بتفكيك الشركة لتراجع ثقة الجمهور فيها.

* يأتي تغيير اسم فيسبوك في وقت يواجه فيه مجموعة من الفضائح المتعلقة بمنصات التواصل الاجتماعي الخاصة به وتتضمن مجموعة تسريبات ووثائق ودراسات داخلية  كانت فيسبوك أعدتها عام 2019م وسربت لصحف أمريكية خلال شهر سبتمبر 2021م وتتعلق بالمخالفات بهيئة الأوراق المالية والبورصات والكونجرس، لذا ارتأت تلك الشركة أنه من الضروري تغيير اسم الشركة الأم حتى لا تكون هناك تداعيات سلبية لأية قضايا مستقبلية على شركاتها الفرعية  (الفيسبوك، أنستجرام، مسنجر، واتساب).

* وفقاً لتقرير نشرته شبكة (فايس) الاعلامية فإن شركة فيسبوك تريد إعادة تسويق شركتها لكسب ثقة جمهورها من جديد وتغيير التوجه الاستراتيجى أو الطموحات المستقبلية لها وسعياً لفصل أذرعها وأسماء منتجاتها (انستجرام وواتساب وفيسبوك مؤخراً) عن الهوية العامة للشركة (ميتا) خاصة مع تعدد منتجاتها ذلك لأن المواقع الآخرى تحاطب الجمهور أما الشركة فهى تخاطب المستثمرين والشركات والمشرعين والسياسيين.

* علاوة على هوس مالك ومؤسس الشركة (زوكربرج) بالميافيرس يعد من أهم الاسباب لتغيير هوية الشركة واعتمادها على ميتافيرس مما يبعد الشركة عن الكمبيوترات الشخصية وتلافى احدى نقاط ضعفها سابقاً والمتمثل فى عدم نجاحها فى صناعة الهواتف الذكية وأن تكون معروفة بأكثر من وسائل التواصل الاجتماعى لتتحول بذلك الشركة من شركة وسائط اجتماعية الى شركة ميتافيرس وللقضاء على الميزات التنافسية لمنافسيها من الشركات التقنية مثل (جوجل وأبل) فإن تركيز شركة (ميتا) لا ينصب على جانب برمجيات ميتافيرس فحسب بل يمتد الى صناعة أجهزة الواقع الممتد لتمكين من السيطرة على عالم الميتافيرس بجانبيه البرمجيات والأجهزة.

* ومن هنا أعلنت الشركة عن نيتها مضاعفة قواها العاملة بتوظيف نحو 10 ألاف مهندس واستثمارها 10 مليارات دولار خلال عام  2022 لهذا الغرض .

ثالثاً- صورة مستقبلية لميتافيرس على ضوء الواقع والتحديات المستقبلية:

فى ظل التحديات المستقبلية والحالية سواء فى ظل خاصية الميتافيرس أو الواقع السئ لشركة (الفيس بوك) والمرتبط بعدم الامانة والتضليل وتسريب المعلومات وإستغلالها ضد المستخدمين وضعف الرقابة على المحتوى والربحية والاحتكار ولعل فى فضيحة (كامبريدج أنالاتيكا) عام 2018 ومابعدها خير شاهد ودليل والتى اتهمت فيها بجمع بيانات شخصية لمستخدمى الفيسبوك واستخدامها لأغراض سياسية ولذلك لسعيها إلي الربحية أكثر من حرصها على سلامة المستخدمين.

إضافة إلى ذلك، فإن عالم التشريعات اليوم تعمل فى ظلها شركة ميتا له أبعاده تداعياته على مستقبلها حيث أنها أكثر تعقيداً  من التشريعات التى عملت فى ظلها سابقاً شركة الفيسبوك وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعى ولذلك فإن التحدى الحقيقى الذى تواجهه شركة (ميتا) بصورتها وهويتها الجديدة هو صدق المحتوى وخضوعه للاشراق والمراقبة ومواجهة الاحتكار والحفاظ على سرية المعلومات وكسب ثقة العالم ووضع ضمانات فنية وقانونية وأمنية وسياسية بعدم تكرار أخطاء الماضى لشركة فيسبوك حيث أن تغيير الهوية والاسم لا يعنى محو المشكلات والسلبيات التى تعانى منها، ومن هنا يجب على مالكى شركة (ميتا) إصلاحها من الداخل إصلاحاً جدياً وواقعياً وعملياً على كافة المستويات و الأصعدة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى