مقالات

العمل الخيري التطوعي.. البديل العصري للتكافل (بقلم: علي الحاروني- مصر)

في ظل تراجع دور هيئات ومؤسسات الدول بفعل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها مجتمعاتنا العربية مع أزمة كورونا والتغيرات المناخية وارتفاع الاسعار بضرورة  كبيرة بدت الحاجة الملحة إلى تشجيع العمل التطوعي الخيرى باعتباره البديل لخدمة الفئات المهمشة إجتماعياً والفقيرة ورعايتها، بالإضافة إلى المساهمة فى عملية التنمية.

وتكمن أهميو العمل التطوعي تكمن في تعزيز الشعور بالانتماء للمجتمع والجماعة والشعور بأهمية مشاركتهم ومساعدتهم ضمن الامكانيات المتاحة، فصلاح المجتمع ينعكس بالتأكيد على صلاح حياة الأفراد وتقدمهم إجتماعياً وتعليماً وصحياً وبالتالي النهوض بالمجتمع ككل.

 

إن العمل التطوعي هو عمل منظم ويتم تنسيق مراحله من قبل منظمات أو جمعيات أو أفراد والالتحاق به يعزز لدى المتطوع مهارات مهنية وقدرات التعامل مع المشاكل وحلها والبحث عن بدائل لضمان خطة العمل بالصورة المثلى وهو ما يمكن تطبيقه على بيئة عمله وحياته المهنية، علاوة على أن العمل التطوعي يعزز الشعور بالانتماء ويوسع شبكة المعارف والعلاقات وينمي مهارات التواصل ويعزز الحياة المهنية للمتطوع.. فما أهمية التطوع للمجتمع ؟ وما التحديات التي يواجهها العمل التطوعي وكيفية تفعيل دور التطوع فى عملية التنمية الشاملة مستقبلاً والاستفادة من مبادئ الإسلام فى ذلك وذلك كله عبر ثلاثة مباحث رئيسة.

 

أولاً- أهمية العمل التطوعي:

للعمل التطوعي فوائد متعددة تنعكس على المجتمع والبيئة والأشخاص الذين يتلقون المساعدة ضمن مشاريع العمل التطوعي ومن أبرز هذه الفوائد والآثار الإيجابية هو أن العمل التطوعي  يعمل على تحقيق مبدأ التضامن والتكافل الاجتماعي حيث يقوم على المشاركة الجماعية للأفراد لتقديم خدمة أو مساعدة للمحتاجين دون أى مقابل مادى.

  كما أنه يعمل على زيادة التوعية والتثقيف بمشكلات المجتمع وتقديم المساعدة النفسية والمادية ضمن الامكانيات المتاحة فى مشروع العمل التطوعي للأشخاص الذي يحتاجون المساعدة ولا يملكون ثمن الحصول عليها فيتم تقديمها بالمجان ضمن المشاريع التطوعية,, هذا مع زيادة وتنمية شعور الانتماء لدى جميع اطياف المجتمع، إلى جانب أن الالتحاق بمشاريع العمل التطوعى تعتبر مساحة جديدة لاستغلال طاقات الشباب واستثمار أوقات فراغهم فى أمور تقدم المنفعة لهم وللمجتمع ومنها يتم تقليل نسبة الجريمة والمشاكل المجتمعية .

أضف إلى ذلك أن العمل التطوعى يقوم بتقديم حلول عملية وناجحة ونصائح للأفراد المحتاجين مما يشعر المتلقي بأن له أهمية خاصة في المجتمع.

 

ثانياً- هموم وتحديات العمل التطوعي:

من أهم التحديات التي تواجه العمل التطوعي بصورة عامة هو عدم امتلاك البعض مهارات التواصل والاتصال مع الآخرين خاصة إذا كان العمل التطوعى الذين يشاركون فيه هو الأول فى عملهم التطوعي. كما يخشى البعض التعامل مع الأشخاص الغرباء الذين لا يعرفونهم من قبل لأن العمل التطوعى يقوم على التعامل مع أشخاص من مختلف المناطق والأصول والصفات والمرجعيات.

 وقد يكون المتطوع على عدم دراية بالخدمات المقدمة مما يجعله غير موثوقاً به لدى متلقي الخدمة التطوعية , هذا إلى جانب أن بعض المجتمعات المحافظة لديها عادات ومحاذير وتفاصيل يجب الإطلاع عليها قبل الذهاب للأشخاص هناك وتقديم الخدمة لذا يجب فهم بيئة متلقى الخدمة والبيئة  المحيطة به.

ثالثاً- رؤية مستقبلية للعمل التطوعي على ضوء مبادئ الإسلام:

حتى يكون العمل التطوعى فاعلاً فى بيئتنا لا بد أن يكون هناك إخلاص للنية لله عند تقديم المساعدة للمحتاجين، كما أنه يجب المحافظة دائماً على تعزيز وتطوير العمل التطوعى فى كافة المجتمعات والدول مما يساهم فى تفعيل ثقافة التطوع وهذا يتطلب الإعلان عن الحملات التطوعية فى كافة وسائل الإعلام والتعريف بالإنجازات الخاصة بالعمل التطوعى والترويج لها فى أوساط الشباب للإنضمام إليها. مع نشر ثقافة التطوع بين طلاب المدارس والجامعات وأيضاً الإعتماد على الندوات والمؤتمرات واللقاءات الدينية حول خدمة المجتمع المحلي بأنشطة الأعمال التطوعية.

  هذا إلى أنه يجب ابتكار أساليب جديدة للعمل التطوعي والتي تساهم في تشجيع الأفراد المتطوعين وحثهم على الإستمرار في التطوع وتوفير الموارد اللازمة لدعمهم من أجل تحقيق النتائج المرجوة بأفضل صورة وفي هذا السياق يجب تحديد المجالات التي يمكن تفعيل دور التطوع فيها حتى يتم تحديد الوسائل المناسبة للتعامل معها والحرص علي توفير الفرص المتكافئة بين المتطوعين وتطبيق التخطيط  والتنظيم والتوجيه المناسبين لنجاح العمل التطوعي ودعم التواصل الفعال بين المتطوعين.

 

ويجب العمل علي حسن اختيار كادر المتطوعين وفقاً لنوع المهارات والمؤهلات والمسئوليات المتعلقة بالمهمة وطبيعة المتطوعين والواجبات المطلوبة من كل متطوع تجاه العمل التطوعي والوقت المطلوب والمخصص للقيام بتنفيذ كافة خطوات العمل التطوعي بطريقة صحيحة.

 

كما أنه يجب على تنمية دور المؤسسات الأهلية والجمعيات الخيرية والأفراد والجماعات العاملة في هذا المجال ويكفينا في هذا التدليل على دور الوقف الإسلامي في صناعة الحضارة الإسلامية التي تفوقت على جميع الحضارات الأخرى؛ لذا لابد من إعادة نظام الوقف وبخاصة وقف الأموال على التنمية الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والتعليمية بجميع مراحلها وهذا كله لن يتم إلا من خلال نظام المؤسسات والجمعيات الخيرية وفق ترتيب متقن للأولويات الملحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى