مقالات

د. محبات أبوعميرة تكتب: شخصيات لن ينساها التاريخ.. شيخ التربويين حامد عمار

أكتب اليوم عن شيخ التربويين أستاذنا حامد عمار- رحمه الله- حيث شق طريقه من قرية منعزلة في أقاصي الصعيد بمحافظة أسوان إلى حرم الجامعة وآفاق الأمم المتحدة.

 إن حامد عمار أثره في نفسي عظيم؛ فهو والدي الذي كان يحنو على في أزمات حياتي؛ تأثرت بمقالاته فهو أول من أشاد ببحوثي وهو مشارك في مناقشة مشروعي أثناء ترقيتي أستاذا  عام 1998 عندما كان عضوا في لجنة ترقية الأساتذة.

  وكان لي شرف التواصل معه منذ ذلك التاريخ؛ كان عونا لي في اختيار عناوين ندوات مركز الخدمة العامة بجامعة عين شمس، الذي تشرفت بقيادته لمدة ست سنوات.

في كل عام كان يضيف جديدا في مؤلفاته ومقالاته وأفكاره؛ فقد تلبس حامد عمار قضايا التعليم كما تلبست به.

كتب عنه الشاعر فاروق شوشة رحمه الله مقال بعنوان: (أستاذي حامد عمار) وكتب عنه الكاتب الكبير أحمد عبد المعطي حجازي يحلل سيرته الذاتية (خطى اجتزناها).

 لم تكن سيرة تخص صاحبها وإنما سيرة أمثاله من الرواد الكبار، أمثال طه حسين، وغيرهم هي سيرة جيل كامل بل سيرة مصر كلها خلال العقود الماضية.

إن حامد عمار كان قدوة ونموذجا لنا جميعا؛ فقد كان متمسكا بجذوره، مرابطا على مبادئه، متوحدا مع ثقافته العريقة في مواجهة تحدياتها الداخلية والخارجية والعولمية، مؤمنا بتفعيل دور المرأة في المجتمع.

كان ينتقد نقدا بناء لسياسات التعليم وتغيير المناهج المدرسية عدة مرات مع كل وزارة جديدة بين التكليف والمسابقة، داعيا الي بناء نظام تعليمي ديمقراطي أسوة بالمؤسسات النيابية؛ داعيا إلى نظام المناظرات والحوار داخل المؤسسات التعليمية.

كان حامد عمار يدعو إلى بناء الإنسان، من خلال التنسيق بين وزارات التربية والتعليم والتعليم العالي والثقافة والإعلام؛ لأنها الوزارات المعنية ببناء الإنسان فكرا ووجدانا وقيما وسلوكا.

كتب كثيرا عن مخاطر الفكر المتطرف وحذر من ثقافة الإيداع التي تنتج خريج يمتلك الطاعة العمياء، وانتقد فكرة المذكرات الجامعية التي تخلصت منها عديد من الجامعات المصرية خلال المرحلة الحاليه خاصة بعد تطبيق ونجاح التعلم الإلكتروني.

كان حامد عمار تلميذا للدكتور طه حسين والتربوي إسماعيل القباني والدكتور عبد العزيز القوصي.. وحامد عمار أول مصري يحصل على الدكتوراه في التربية عن التنشئة الاجتماعية في قرية مصرية تقع بين إدفو وأسوان.

ما يبقى أن يطلق اسمه على مدرسة، ولتكن في أسوان مسقط رأسه.. وفي هذا السياق صدر قرار وزاري في عهد الوزير الدكتور محمود ابو النصر بإطلاق اسم حامد عمار على مدرستين إحداهما في القاهرة والأخرى في أسوان، ولم ينفذ القرار نتيجه تغيير الوزارة آنذاك!!

وقد أسعدني والكثير من التربويين، أن جامعة عين شمس أطلقت اسم حامد عمار على قاعة من قاعات الدراسة بكلية التربية جامعة عين شمس.

إن حامد عمار- رحمه الله- كان مفكرا تربويا منتجا مبدعا متجددا لديه حس وطني أصيل متفاعلا مع كل ما يطرح من قضايا التعليم، مقدما حلولا غير تقليدية لمشكلة الثانوية العامة، والدروس الخصوصية، وغيرها من منظور فكره المتجدد والمتوقد.

 

ونحن تلاميذه المباشرون وغير المباشرين لانزال نتطلع إلى أفكاره ومؤلفاته، نثري بها معارفنا، ونغذي بها زاد طلابنا المعرفي في تطوير وتحسين التعليم ودوره في تكوين الثروة البشرية التي تصنع مصر حاضرا ومستقبلا.

★★★★★ا

الأستاذة الدكتورة محبات أبو عميرة- عميد كلية البنات- جامعة عين شمس، سابقاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى