مقالاتمميز

إسماعيل محمد يكتب: الكلمة التي تقتلك ستسمع صوتها جيدا !!

سيطرت عليَّ بجموحٍ فكرة أن أكتُب، يجب أن أقول للناس ما يجري في الظلمة. إنّ الكلمةَ آخر الأسلحة، لن تكون أقواها.. لكنّها سلاح الذين تلوّثتْ دماؤهم، وماتتْ أمهاتهم، سلاح الذين يريدون أن يفعلوا شيئًا!

مَنْ يريد أن يكون كاتبًا عبقريًّا، عليه أولًا أن يكون قارئًا حسّاسًا، ليسَ للكتب وحسب، بل لنفسه، وللناس، وللأحداث اليوميّة، وللطبيعة التي تشمل الشمس والقمر والمحيطات والفَلَوات، ونحوها. أن يستوحي إحساسه من الرؤية الحاذقة للحياة ثم ينقله بالكتابة، تلك في ظني عبقرية القلم.

شخصيّة الإنسان قابلة للتحوّل، بل هي قابلة للطفرة صعودًا وهبوطًا، علوًّا وانحطاطًا؛ فبينما هي خاملة ضعيفة إذْ اتصل بها تيار قوي أشعلها وقوّاها حتى كأنها خلقت خلقًا آخر، وكأنه لا اتصال بين يومها وأمسها، هي اليوم مخلوق قوي فعّال يلقي أشعته إلى أبعد مدى، وكانت بالأمس لا يُؤبه بها، ولا يُحَس بضوئها.

كذلك ترى شخصيات أخرى يخبو ضوؤها، فإذا هي مُظلمة بعد نور، وضعيفة بعد قوة، ليس لها من حاضرها إلا ماضيها. وكذلك شاء الله: يُخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي.

كل شيء يواجه الإنسان في حياته يؤثر في شخصيته أثرًا صالحًا أو سيئًا؛ فالغنى بعد الفقر، والفقر بعد الغنى، واليأس بعد الأمل، والأمل بعد اليأس، وما يعتريه من شدائد وكوارث، وما يبذله في صراع الحوادث، وما يلاقيه من رخاء ونعيم، وما يبعثه ذلك من هدوء واطمئنان.

كل هذا وأمثاله له أثر في تكوين الشخصية يختلف ضعفًا وقوة. وقد يكون بروز الشخصية وظهور النبوغ في الإنسان على أثر مقابلته عظيمًا، فيحس بعدها كأن عود ثقاب أشعل في نفسه فألهبها، وأضاء ما بين جوانبه وحفزه للعمل، وهون عليه الأخطار؛ بل قد تكون العظمة نتيجة لشيء أتفه من ذلك، فقد يقرأ جملة في كتاب، أو يسمع عبارة من خطيب، فكأنها كانت مفتاح عظمته، وكاشف حيرته.

  بل قد تكون العظمة لم تأت من شيء خارجي، وإنما أتت من تفكير الشخص في نفسه وتحليلها وتبين موقفها في العالَم، وموقف العالم منه، وتساؤله لها: ما رسالتها إلى العالم وكيف تؤديها. فإذا هو يشعر بعد طول تفكير كأن قبسًا من نور إلهي ألهب نفسه، وأضاء العالم أمامه، فهو يسير على هدى، ويؤدي رسالته كما بُلّ، إلى كثير من أمثال هذا مما لا يستطاع حصره.

ويظهر أن النفوس إذا نضجتْ تلمستْ الوسائل المختلفة لبروزها، وظهور عظمتها. والصوفية يقولون: «صاحب الخصوصية لا بد أن يظهر يومًا ما».

ولكن كم في العالم من شخصيات كامنة، لو هيىء لها عود ثقاب لاشتعلت، ولو أتيح لها القبس لأنارت.. وكم من بذرة صالحة قوية لم تجد تربتها اللائقة بها، فغلبتها على الحياة بذرة فاسدة.. وكم من زهرة بدأت تتفتح فأصابتها ريح هوجاء عصفت بها.

وعمل المصلحين في كل أمة أن يستكشفوا هذه الكوامن فيقدموا لها الغذاء، ويتعهدوها بالنماء.

المشكلة الكبيرة في أنني شديدة الملاحظة أنه لا يمكن أن يفوتني شيء.. ألاحظ كل متغير سواءا كان هذا التغيير في أرواح من أعرف أو في أبدانهم، ألاحظ بدقة متناهية إلى أين وصلوا وإلى أين وصلتُ معهم وأستطيع تحديد المسافة بدقة متناهية، المسافة بيني وبينهم.

تذكر أنه بخلاف الرصاصة، الكلمة التي تقتلك ستحفظ صوتها جيدًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى