رسالتي إليكَ ليستْ كَكُلِّ الرسائلِ إنّها مبلّلَةٌ بالوجعِ معجونةٌ بالدمعِ وعلىٰ سطورِها ملحٌ أجاجٌ قدْ ضجّتِ الحروفُ واحترقتْ مما نفث فيها من مرجلٍ قابعٍ في الصدرِ يغلي علىٰ الدوامِ..
فمِنْ بعدكَ أصبحتُ كصالح في ثمود يقتلُني الاغترابُ يسلمني الاستلابُ فأشتهي تحريراً من ربقةِ أسلاكٍ شائكةٍ قدْ لفّتْ عنقي وقيّدتْ أرجلي ولم يسلمْ حتىٰ معصمي.. فمَنْ لهذا القيدِ غير يدكَ الحانية تحطّمُ الأغلالَ تهدهدُ مهدَ الأَلمِ وتضمّدُ جراحي.
آهٍ آهٍ يا صديقي كَمْ لغةٍ حبلى تبرعمتْ علىٰ شفتي وتجذّرتْ في حنجرتي لكنّها حبيسةُ آهٍ غائرةٍ بوادٍ سحيقٍ وطائرُها مهيضُ الجناحِ..
قَلّتْ حيلتي لا عنْ عجزٍ وأُسقطَ ما في يدي لا عنْ كلالةٍ لكنّ جبالَ الصنميّةِ مستطيلةٌ أطرافُها جهلٌ مركّبٌ، ازدواجيّةٌ عمياءُ، جماجمُ خاويةٌ، هياكلُ وهميّةٌ لكنّها بعيدة ٌعن فأسي وأمواجُ الجهلِ عاتية وشراعي يشكو من غيابٍ كمْ أسدلتُ من أهدابهِ ستراً يُغيِّبني عن كُلِّ هذا الضجيجِ لأستنقذَ نفسي من براثنِ الافتراسِ.
كمْ طفقتُ أعدو في مساراتِ الخَلاصِ بكسرِ حواجزٍ كونكريتيّةٍ وكمْ كتمتُ أنفاسي بعيداً عن زفراتِ أزمنةٍ مصابةٍ بالغثيانِ.
يا لهذهِ الوحدةِ وهيّ تغرزُ مخالبَها في لبِّي وتتركني كجذعٍ خاوٍ كَمْ سلخُوا لحاََءَهُ وتركوكَ في نزغِهِ نابضاً كالرنينِ.
يا شقيق الروحِ أنتَ ساكنُ الوجدانِ مهما حالتْ بيني وبينكَ المسافاتُ فلا تزال صورتُكَ تؤطِّرُ نافذتي صوتُكَ الدافِئُ ينقرُ في أذني ومراهمُكَ السَنيّةُ ترياقُ سمومي.
متىٰ تلتقط شظايا نفسي المتكسرَةِ تلصقُها بصمغِ حضورِكَ الباهر !؟
محال أنْ يتسلّلَ شبحُ النسيانِ في أروقةِ الذاكرةِ هيهات أنْ يسكتَ نبضٌ عشّشَ في ضفافِ الروح .