ملفات

نحو دستور ومجلس عالمي للأوبئة في ظل متحور «أوميكرون»

شارع الصحافة/ إعداد- علي الحاروني:

لم يكن العالم يتعافي من الهزات والأزمات السياسية والاقتصادية والإجتماعية والأمنية والنفسية لكورونا وتحوراتها والتي وصلت إلي 1500 سلالة حتي الآن حتى أطلقت منظمة الصحة العالمية علي المتحور الجديد الذي تم إكتشافه في بوتسوانا وجنوب إفريقيا إسم (أوميكرون) والتي أثارت قلقاً عالمياً بسبب إنتشارها بصورة كبيرة وبشكل أسرع.

وهذا التطور السلبي العلمي الجديد يدعو إلي الحيطة والحذر وتشديد الإجراءات الإحترازية ويدعو العديد من الدول إلي إتبارع سياستي الحصار والإغلاق من جديد وهو ما يشير إلي العودة من جديد لزيادة المخاوف علي الساحة الاقتصادية خاصة وأن (أوميكرون) والذي إعتبره المختصون أقوي وأقسي من (دلتا) ضرب علي الفور الأسواق العالمية ولا سيما قطاع السياحة وقطاع الطيران مع إعلان عدد من الدول في أوروبا وأمريكا ومنطقة الشرق الأوسط وقف السفر إليها من ثماني دول أفريقية إنتشر فيها الفيروس الجديد وأصبحت بؤرة له , دون إغفال أن توزيع اللقاحات في المنطقة التي تفشى فيها الفيروس ضعيف مقارنة بدول العالم الأخري.

 

أولاً- تداعيات وخطورة السلالة الجديدة علي العالم

ولعل مما يزيد من خطورة (أوميكرون) هو أنه جاء في موسم الأعياد الغربية والتي تعول عليها الحكومات للتعافي في إقتصادياتهامن جديد وهناك دول بالفعل ألغت إحتفالات أعياد الميلاد ورأس السنة ,

ولا تزال هناك حكومات تدرس عملية الإغلاق الشامل أو شبه الكامل لحدودها.

– وإلي جانب السياحة والطيران والتي إكتوت مبكراً بنيران (أوميكرون) نجد متحور كورونا الجديد ظهرت بصاماته السلبية علي القطاع النفطي حيث تراجعت أسعار النفط بنسبة 10% نتيجة القلق من جراء إنخفاض الطلب وإرتفاع مستوي الفائض في هذه السوق.

ومع توقع إستمرار توسع نطاق (أوميكرون) فإن الوضع الإقتصادي سيتلقي الضربة الأقوي مع العودة إلي تدابير الإغلاق , خاصة وأن السيطرة علي الوضع الصحي لا تزال غير محكمة وغير آمنه لا سيما مع الأشكال الجديدة التي تظهر (لكوفيد – 19) , ومن هنا تحاول الحكومات التشجيع علي أخذ اللقاحات المطلوبة وفرض قيوداً قاسية علي أولئك الذين رفضوا التطعيم , فيما تبحث شركات الأدوية العالمية عن سبل لتكييف لقاحاتها مع السلالات الجديدة خاصة وأن اوميكرون صدم العالم لعدم التأكد من إنتشاره والشك في قدرة اللقاحات المتوفرة علي التعامل معه الوقاية منه وهذا ما أكدته منظمة الصحة العالمية ووصفها متحور (أوميكرون) بأنه مثير القلق واضعة إياه في مصاف دلتا السريع الإنتشار عبر العالم.

ثانياً- رؤية مستقبلية لمواجهة الأوبئة في المستقبل

وإزاء التبعات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والأمنية لمتحور (أوميكرون) فإن الحكومات في العالم عليها إعادة رسم أولوياتها وإستراتيجياتها علي كافة الأصعدة مع إتباع منهج جديد في التعامل مع السلالة الجديدة خاصة مع تدني نسب تلقي اللقاح في معظم دول العالم , مع عدم قدرة الدول الفقيرة في الحصول علي اللقاحات وهو ما يمثل 97% من سكان دول أفريقيا فرغم المبادرات الإقليمية مثل مرفق شراء اللقاحات التابع للإتحاد اللإفريقي لمعالجة فجوة عدم المساواه من خلال شراء 400مليون لقاح فإنه رغم ذلك لاتزال لا تكفي لتلبية إحتياجات قارة يبلغ عدد سكانها 1.3 مليار نسمة ومن هنا فهناك ضرورة العمل علي تطوير اللقاحات الجديدة لمنع إنتقال الأوبئة في المستقبل وتركيز ميزانيات البحث العلمي والتطوير في المستقبل علي نقاط الضعف في اللقاحات الحالية والتي تساعد فقط علي منع العدوي بشكل طفيف وليس القضاء علي الوباء.

 

وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلي محاولة الدول الأوروبية في التسريع ببرامج إعطاء الجرعات المعززة من جهة والبدء بتلقيح الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين (5-12) سنة بهدف توسيع دائرة الملقحين ردفع نسبة السكان المحصنين مناعياً ولكن هناك مخاوف من تواضع نسب الإقبال علي تلقي اللقاحات والتي أصبحت كابوساً يؤرق العالم عامة والأوروبيين خاصة.

 

– ومن هنا فإن الحاجة ماسة لإتفاقية دولية ملزمة قانونياً تحت رعاية المنظمات الدولية وخاصة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية لضمان التصنيع والتوزيع العادل للقاحات ومعدات الحماية الشخصية والاختبارات حتي تتمكن الدول من اكتشاف الأوبئة الحالية والمستقبلية والاستجابة لها وعلاجها والوقاية منها.

 

– إضافة إلي ذلك فنحن نحتاج إلي مجلس عالمي للتأهب للأوبئة ولكن كل هذا لن ينجح إلا بابتكار آلية تمويل مستدامة لمعالجة التفاوتات الصارخة في توفير الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم وذلك من خلال صيغية تتقاسم الأعباء وتكاليف بين البلدان ذات الدخول المرتفعة فحتي الآن يجري تغطية أقل من 20% من ميزانية منظمة الصحة العالمية بهذه الطريقة وهذا ما حدث خلال حقبة الستينات والسبعينات للقضاء علي مرض الجدري من خلال اتفاقية تقاسم الأعباء التي بموجبها تقاسمت الدول الأغني التكاليف.

 

– ومن هنا فإن الحاجة ماسة لوضع دستور عالمي ومجلس عالمي لمواجهة الأوبئة قبل وبعد حدوثها مع توفير التمويل المالي اللازم لمواجهتها ولإنتاج اللقاحات اللازمة إنتاجاً وتوزيعاً وعلي أدوات الإجراءات الاحترازية والاختبارات اللازمة لتشخيص تلك الأوبئة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى