ملفات

الولايات المتحدة عنوان العنصرية والتمييز داخليًا وخارجيًا ولا تحترم حقوق الأقليات

شارع الصحافة/ إعداد- علي الحاروني:

إن الولايات المتحدة الأمريكية التي تنصب نفسها قيماً على العالم ووصية على دولها ومؤسساتها وتستخدم سلاح قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية وحماية الأقليات في وجه أعدائها وتحاول تطويعه لخدمة مصالحها ومصالح رعاياها وحلفائها، وليست بكل تأكيد أفضل من يتبنى الدفاع عن حقوق الإنسان فى العالم لأن لديها انهيارا أخلاقيا وقيميا وحقوقيا على صغيد الداخل.

وأصبح التناقض بداخلها واضحاً بين العنصرية والعدوانية وعدم إحترام حقوق الأقليات العرقية ذات الأصول الإفريقية والآسيوية واللاتينية على أرضها وبين غض الطرف عن إسرائيل وإنتهاكاتها لحقوق الشعب الفلسطينى وكذلك كما هو الحال  مع تركيا وذلك كله إعلاءاً لمصالحها الإستراتيجية والحيوية ولحلفائها.

أولاً- العنصرية عنوان الداخل الأمريكي:

هناك عديد من المؤشرات الدالة على تأصل العنصرية داخل أمريكا وزيادة معدلاتها خاصه تجاه السود سواء داخل العمل أو الوظائف أو بشكل عام ولعل الإحتجاجات التى إندلعت فى الولايات المتحدة على خلفية مقتل “جورج فلوريد” ذى الأصول الأفريقية خير دليل على ذلك وبصفة عامة يمكن القول بأن هناك مناطق في أمريكا يطلق عليها ( مجتمع الجيتو ) وهي تعانى من سوء الرعاية الصحية وإرتفاع معدلات الجريمة بها ومعدلات البطالة.

وهى تمثل قمة التمييز والإضطهاد والعنصرية داخل أمريكا ويكفى للتدليل على ذلك كله بقول “ميشيل باشليت” مفوضية الأمم المتحدة السياسية لحقوق الإنسان فى يونيو 2020م ” أن الإحتجاجات التى أثارتها وفاة “جورج فلوريد ” أبرزت عدم المساواة والتمييز العرقى فى الصحة والتعليم والتوظيف فى الولايات المتحدة الأمريكية. ولقد تناولت منظمة العفو الدولية ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فى تقاريرهما حقوق الإنسان في الولايات المتحدة الأمريكية والتي تضمنت الوجه العنصري والتميزي للولايات المتحدة الأمريكية حيث لجأت إلي إساءة استخدام العدالة الجنائية ومضايقه المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين.

 

 

كما لجأت إلى الاحتجاز التعسفي لطالبي اللجوء والعنف ضد النساء والفتيات من السكان الأصليين للولايات المتحدة، مع ارتكاب جرائم ضد الهوية العرقية أو الجنسية بسبب الكراهية المرتبطة بالنوع، مع استمرار الاعتقالات والقوه المفرطة ضد الأمريكيين من أصول أفريقية، مع معاناة الأمريكيين الآسيويين من خطاب الكراهية حيث يعتبرونهم مصدر انتشار جائحة كورونا في أمريكا.

وأخيراً عقد مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة في 17 يونيو 2020م وللمرة الأولي يتم مناقشة العنصرية وقضايا حقوق الإنسان في أمريكا وفي اجتماع 9 نوفمبر 2020م تعرضت الولايات المتحدة لانتقادات شديدة من قبل المجتمع الدولي بسبب التميز العنصري، وأن العنصرية في الولايات المتحدة مروعه حيث يستخدم ” القوميون البيض والنازيون الجدد” بشكل علني شعارات وهتافات عنصرية للترويج لتفوق البيض والتحريض علي التمييز والكراهية علي أساس عرقي ومحاولة تهميش الأقليات العرقية والأنثية والدينية في الخطاب السياسي ما أدي إلي تسهيل العنف وعدم التسامح.

  وأدي ذلك كله إلي اتخاذ ترامب قراراً بالانسحاب من مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة في عام 2018م بدعوى أنه مجلس يتسم بالنفاق التحيز ضد إسرائيل ولكن هذا الانسحاب هو في حقيقته اعتراضا علي تناول المجلس أوضاع حقوق الإنسان في أمريكا وإن كانت بعد ذلك عادت إدارة بايدن إلي المجلس بصفة مراقب لحسابات دبلوماسية وأهداف سياسية.

  ثانياً- التميز والاضطهاد ضد المسلمين في الولايات المتحدة:

نجد في الوقت الذي يبلغ فيه عدد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي خمسة ملايين بما يمثل ٢٪ فقط من اجمالي عدد سكان البلاد الا انهم يتعرضون للقمع والتميز والاضطهاد ولا سيما بعد احداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١ م وهو ما يطلق عليه ظاهرة (الإسلاموفوبيا) حيث تم حرمان المسلمين من الرعاية الصحية والإجتماعية والحكومية وغلق حساباتهم المصرفيه حتي مع وصول إدارة بإيدن تم فرض العديد من القيود علي كافة المستويات الواقعية والعملية أو علي المستوي القانوني والتشريعي والتي تؤكد علي حقيقة أن العنصرية والتفوق الحضاري من النظريات التي تشكل بناء الدولة الأمريكية وتؤثر في صياغة سياستها الخارجية وتتحكم في علاقاتها الدولية والإقليمية.

ومن هناك نجد العديد من التشريعات التي تعادي الإسلام والمسلمين منذ إدارة بوش الإبن عام ٢٠٠١ م حيث أصدر قانون “تفويض القوة العسكرية” ومرورا بقانون” باتريوب آكت ” وذلك لإضفاء الشرعية علي العنصرية من خلال المراقبة والتنصت وتفتيش المنازل الخاصة حتي قانون ” الترحيل الجنائي للأجانب ” عام ٢٠٠٣م وإدخال نظام تسجيل الدخول والخروج للأمن القومي والذي له تأثير كبيرعلي الأقليات العربية والمسلمة المها جرين الذي يتعرض لأخطر الإنتهاكات لحفوقهم.

إلى جانب ذلك هناك الامر التنفيذي رقم ١٣٧٦٩ للحكومة الفيدرالية الأمريكية ، والذي عُرف بقرار حظر المسلمين في ٢٧ يناير ٢٠١٧ م، مع اصدار ترامب الأمر التنفيذي (حماية الأمة من دخول الإرهابيين الأجانب إلي الولايات المتحدة) والذي يمثل صفعة للمجتمع المسلم وحرمان المسلمين الأمريكيين من زيارة أقاربهم وتبادل الزيارات الدينية والثقافية.

 

 

  ويوجد تمييز واضح ضد العمالة داخل الولايات المتحدة بين المسلمين والمسحيين لصالح الأخيرة لا سيما في المقاطعات ذات الأغلبية الجمهورية . إلي جانب حظر ارتداء المسلمات الحجاب وتعرضهن للمضايقة والطرد والحرمان من دخول الأماكن العامة وبصفة عامة ووفقاً لتقرير المجلس الأمريكي للعلاقات الإسلامية فإن ربع التمييز الديني في الولايات المتحدة يحدث للمسلمين ، هذا الى جانب إنتهاك الممتلكات العامة أو الخاصة للمسلمين فى كل مكان ، مع وجود العديد من المؤسسات في الولايات المتحدة التى تتخصص فى أعمال الدعاية المناهضة للإسلام وذلك بدعم وتمويل من الحكومة الأمريكية ذاتها وذلك بما قيمته 206 ملايين دولار أمريكي وذلك وفقاً لتقرير صادر عن جامعة كاليفورنيا بيركى والمجلس الأمريكي للعلاقات الإسلامية وذلك خلال الفترة من عام 2013م -2021.

وعلى ضوء كل ذلك، يجب تحقيق توازن القوى فى العالم وتشابك المصالح مع فاعليين جدد ولتفعيل دور المؤسسات الدولية والإقليمية لحماية الشرعية الدولية والأقليات الدينية والعراقية والاثنية وعودة الحقوق والحريات الى محرابها العادل تشريعياً وممارسة بعيداً عن الوصاية الأمريكية التى تفتقد إلى أدنى مبادئ حماية الحقوق والحريات علاوة على أنها عنوان العنصرية والتمييز والإضطهاد داخلياً وخارجياً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى