غير مصنفملفاتمميز

علي الحاروني يكتب: اليوم العالمي لمكافحة المخدرات ما بين التسوق الإلكتروني والمواجهة

يعد اليوم العالمي لمكافحة المخدرات والذي يتوافق مع 26 يونيو من كل عام ووفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 42/112 والصادر في 7 ديسمبر 1987م لهو فرصة لتذكرة ذاكرة العالم بواقع تجارة المخدرات ومخاطرها والتي إزدادت بطريقة رهيبة في الآونة الأخيرة لاسيما مع استخدام الإنترنت في الترويج وبيع المخدرات في ظل أزمة كورونا.

فما هو واقع تجارة المخدرات في العالم وما هي أسبابها وأعراضها وتأثير الإنترنت في الترويج لها والإتجار فيها وسبل مواجهتها محلياً وعالمياً ؟ هذا ما سنحاول التعرف عليه عبر أربعة مباحث رئيسة:

أولاً- واقع تجارة المخدرات عالمياً والتسوق الإلكتروني:

– وفقاً لأحدث التقارير الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة لعام 2021م فإن هناك 275مليون شخص حول العالم تعاطوا المخدرات خلال عام 2021م بزيادة قدرها 22% عن عام 2010م وكان لجائحة كورونا دوراً فاعلاً في ارتفاع معدل تعاطي وتجارة المخدرات بشكل كبير خاصةً مع إتجاه أسواق بيع المخدرات إلي الإنترنت والتجارة عبر الإنترنت المظلم وذلك لتميزه بالسرية وعدم خضوعه للرقابة وتسهيله لحركة بيع وشحن وشراء المخدرات عبر الدول، وتعد فنزويلا ونيجيريا وكولومبيا وبوليفيا وأفغانستان وباكستان ونيكاراجوا من أكثر الدول تجارة وبيع للمخدرات عبر الإنترنت . وخلال فترة جائحة كورونا كانت الصين والهند من أكثر الدول شحناً للمخدرات عبر الإنترنت وكانت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا وأخيراً أفريقيا من أكثرالدول شراءاً للمخدرات.

ثانياً- أسباب ودوافع انتشار المخدرات:

-يعد من أهم أسباب تعاطي المخدرات وإدمانها الفقر والبطالة لاسيما مع جائحة كورونا والتضخم والأزمات الإقتصادية العالمية حيث يوجد الآن 100 مليون شخص يعانون من الفقر المدفع وزيادة المعدلات نتيجة لفقد العالم 114 مليون وظيفة في عام 2020م خاصة مع سياستي الحصار والإغلاق والتي خلقت بيئة خصبة للشباب والمراهقين للإتجاه نحو تعاطي المخدرات والإقبال علي شراءها وابتكار أساليب جديدة للبيع والشراء للمخدرات والتحول نحو تسوق المخدرات أونلاين أو إلكترونياً لاسيما مع سرية شبكة الإنترنت وعدم خضوعها للرقابة.

– هذا علاوة علي التفكك الأسري والإنحلال الأخلاقي والعنف المنزلي والإجتماعي ودور الأصدقاء في عملية الإدمان وفقاً لما أشارت إليه العديد من الدراسات من أن الإدمان الذي يبدأ قبل سن الخامسة عشر هو أخطر أنواع الإدمان فقد توافق المرشدون من مختلف المدارس الفكرية والسلوكية علي أهمية تأثير الأصدقاء علي السلوك المنحرف في المدارس الإعدادية والثانوية.

 

-إضافةً إلي أن من بين أسباب إنتشار تجارة المخدرات هو تراجع دور الدولة الوطنية وإنهيار مؤسساتها في بعض الدول وما تبع ذلك من تدخلات غير مشروعة لدول في الإقليم تعمل علي إحلال الميليشيات والتنظيمات شبه العسكرية ، فعلي سبيل المثال اعتمدت ميليشيات الحوثيين وحزب الله اللبناني وتنظيم داعش علي تهريب المخدرات والإتجار بها لتوفير مصادر المال اللازمة لتمويل حروبهم.

– وتوظف بعض الدول في المنطقة تجارة المحدرات لتجاوز العقوبات الدولية الصارمة المفروضة عليها وتتخذها كأحد أهم موارد العملة الوطنية عبر تسهيل تبييضها  ليستفيد منها في أنشطتها الداخلية والخارجية، كما أنها  تستخدمها كورقة ضغط لمساومة المجتمع الدولي.

– وعلي المستوى الأسري والإجتماعي نجد أن من بين أسباب تعاطي المخدرات وإدمانها الجهل وضعف الوازع الديني والفقرؤ والأمية والتنشئة الإجتماعية الخاطئة والتفكك الأسري.

ثالثاً- تداعيات إنتشار تجارة المخدرات والامن العربي:

–       ارتبطت تداعيات إنتشار تجارة المخدرات بتهديد أمن منطقة الشرق الأوسط وتدهور العلاقات الدبلوماسية بين بعض الدول وإغلاق الحدود وتهديد حركة التجارة البينية فضلاً عن تزايد العنف وسيطرة الميليشيات علي القرار في بعض الدول، إضافة إلي تزايد عمليات غسيل الأموال من جانب الميليشيات والتنظيمات الإرهابية ودعم العمليات العسكرية لهذه الميليشيات بما يؤدي إلي إطالة أمد الحروب وحالة الفوضى وعدم الإستقرار في دول الصراعات بالإقليم.

–       هذا ناهيك عن التداعيات النفسية والإجتماعية والإقتصادية علي الأفراد نتيجة الإدمان وإنتشار تجارة المخدرات حيث الإنحلال الأخلاقي وإنهيار الأسرة العربية والعزلة والوحدة وإنعدام الإنتاجية والتدهور الصحي وزيادة العنف الأسري وإنتشار الجريمة وإرتفاع معدلاتها ، علاوة علي تأثير المخدرات علي الأطفال والمراهقين حيث الفقر والفوضي الإجتماعية والتشرد والتسرب من التعليم والتعرض للعنف والحوادث وإيذاء الذات.

رابعاً- كيفية مواجهة المخدرات انتشاراً وتعاطياً:

من أول بديهيات مواجهة المخدرات وإقامة مجتمع خالي من إستخدامها وتعاطيها والإتجار فيها هو زيادة الوعي بالمشكلة والتوعية بمخاطرها الجسدية والنفسية والعقلية والإقتصادية والإجتماعية وتشجيع الدول والمنظمات لمضاعفة جهودهم للقضاء علي تجارة المخدرات وعمل برامج وندوات وحملات توعية للتعرف بمخاطرالمخدرات وآثار تعاطيها، مع نشر إعلانات ترويجية بوسائل الإعلام المختلفة وقنوات ومنصات التواصل الاجتماعى التي توضح كيفية مواجهة ظاهرة إنتشار المخدرات وتعاطيها.

 

ويعد شعار اليوم العالمى لمكافحة المخدرات هدفه التوعية من المخدرات ولقد جاء شعار العام الحالي (شارك بالحقائق حول المخدرات… وقم بإنقاذ الأرواح)، ليوحي بأن الجهود المبذولة لمواجهة المخدرات ومكافحتها لا يجب أن تتوقف على التوعية فحسب، بل لابد من عرض الإحصائيات والدراسات التى توضح وا5قع الأزمة والاتجار بها عالمياً لوضع برامج العمل القادرة على مواجهتها.

وعلى الرغم من التركات الدولية والاتفاقات والمعاهدات والمؤتمرات الدولية والهيئات التى أنشئت من أجل ذلك مثل مكتب (الأمم) المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة فى عام 1997م للعمل على السيطرة على إنتشار المخدرات والحد من الجريمة إلا أن بؤر تصدير وتوزيع المخدرات مازالت قائمة ومسئولة عن إشتعال الأزمات والصراعات بين الدول والأقاليم خاصة بين إيران والتى تتوسط الطريق بين باكستان وأفغانستان وبين منطقتى الخليج ومنطقة الشرق الأوسط وصراع مشاكل إقتصادية بين كولومبيا والإكوادور وفنزويلا ودول أمريكا الجنوبية وغيرها.

   ومن هنا فإن الحاجة ماسة لتكاتف الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدنى وغيرهم لإتخاذ الإجراءات عاجلة لحماية الناس بما فى ذلك عن طريق تعزيز الوقاية من تعاطى المخدرات والعلاج ومن خلال معالجة وتقنيين إمدادات المخدرات غير المشروعة، مع التعاون الدولى لمكافحة الاسباب الهيكلية التى تغذى تجارة وتعاطى المخدرات ومكافحة ذلك تحت غطاء المؤسسات الطبية والقانونية ولا جدال عن أهمية الحديث عن آفة المخدرات فى المناهج الدارسية وأهمية توعية الطلبة فى المدارس والتوعية الدينية فى المساجد بآفة المخدرات وخطورتها نفسياً وصحياً وإجتماعياً واقتصادياً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى